التلمذة 2


التلمذة 2

طبيعة مدرسة المسيح
هل مدرسة المسيح في شكلها وطبيعتها ومضمونها لها نفس شكل وطبيعة ومضمون المدرسة في وقتنا المعاصر؟
هذا ما سوف نناقشه في هذه الحلقة
في زمن حياة الرب يسوع على الأرض كان يوجد طريقتان للتعلم: الطريقة الأولى جسّدها لنا أفلاطون وأرسطو وسقراط وكبار الفلاسفة اليونانيين وهي عبارة عن مجموعة من التابعين والتلاميذ الذين يجلسون عند أقدام الفيلسوف ويسمعون منه محاضراته وأفكاره لوقت محدد قد يطول أو يقصر ثم ينصرفون عائدين من حيث أتوا، وهكذا كل يوم إلى أن يستوعبوا أفكار هذا المعلم.
أما الطريقة الثانية فهي الطريقة اليهودية والتي اتبعها الرب يسوع المسيح في حياته على الأرض ليعلم بها تلاميذه، ولكن بعد أن أدخل عليها الكثير من التعديلات لتصبح طريقة الله في تلمذة وصياغة الأفراد في حياتهم مع الله.
وفيما يلي سنقارن بين هاتين الطريقتين من حيث نطاق وطرق وأهداف التعَُلم والعلاقة بين المعلم والمنهاج:
دعى الرب يسوع تلاميذه ليتبعوه فتركوا كل شيء وذهبوا وراءه ليرافقوه ويسيروا خلفه طوال الوقت؛ في الصباح والمساء، في وقت الجوع ووقت الشبع، في وقت الفرح ووقت الحزن، في وقت الألم ووقت الراحة، فنطاق مدرسة المسيح هي رفقة للمعلم طوال اليوم.. كل يوم.
يغلب علينا نحن المؤمنين التعَُلم بمفهوم المدرسة اليونانية، فنحضر اجتماعاتنا ومجموعاتنا ونكتب العظات والمحاضرات ونصلي في اجتماعات الصلاة ثم ننصرف عائدين إلي منازلنا، وكأن العلاقة بيننا وبين الله قاصرة على هذا الوقت فقط.
لكن عندما نتعلم في مدرسة المسيح فنحن نتعلم من المواقف اليومية التي يرافقنا فيها المعلم الحقيقي الوحيد، فنتعلم أن نكون أبناء صالحين وأزواج وزوجات لطفاء ومخلصين وموظفين أمناء في أعمالنا. فنطاق مدرسة المسيح هي حياتي كلها وليس عدد معين من الساعات الاسبوعية التي أعطيها للمعلم.
في حياتنا كمؤمنين هناك انفصال هائل ببن ما أعيشه في العالم وبين ما أعيشه في الكنيسة، وذلك لأننا نتبع المدرسة اليونانية في التعَُلم و نرفض أن نتبع مدرسة المسيح .

الْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ (أع1:1)
عندما أراد لوقا الطبيب أن يتكلم ويشرح ويؤرخ لصديقه ثاوفيلس ما كان يسوع ينادي به، وصفه بأنه ما كان يسوع يفعله أولاً ويعلم به ثانياً، وهذا هو الفرق الثاني في مدرسة المسيح، فطريقة الرب يسوع في التعليم مبنية أولاً على الرؤية والمشاهدة القريبة.
ففي كل مرة علّم الرب يسوع تلاميذه وتابعيه، بدأ بأن يُريهم ما سوف يتكلم عنه. عندما تكلم عن العطاء أخذهم إلى حيث الأرملة التي أعطت الفلسين أمام الخزانة، وعندما تكلم عن التواضع وعن أنه ينبغي أن نغسل بعضنا أرجل بعض، قام هو وغسل أرجلهم، وعندما أراد أن يعلم تلاميذه أن يحبوا الخطاة والعشارين أراهم هو بنفسه كيف يدخل إلى بيوتهم ويأكل معهم.
أهمية أن يكون التعليم مبني على الرؤية:
o عندما أرى ما أتعلمه أصدق وأثق أنه حقيقي وقابل للتطبيق
o يصير التعليم أكثر وضوحاً
o أعرف كيف أعيشه وأطبقه كما عاشه المسيح
قوة وتأثير وفعالية مدرسة المسيح هي أن أرى وأشاهد ما يصنعه المسيح وليس فقط أن أسمعه.
أما الخطوة الثالثة في كيفية التعَلم في مدرسة المسيح فهي التعلم بالخبرة أي التجربة والخطأ.
في مدرسة المسيح يستخدم الرب يسوع هذه الطريقة لكي يعلمنا ويشكلنا وهذا ما فعله مع تلاميذه عندما ألزمهم أن يذهبوا إلى العبر كما جاء في إنجيل مرقس الإصحاح الرابع:
“وَقَالَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ: «لِنَجْتَزْ إِلَى الْعَبْرِ». 36فَصَرَفُوا الْجَمْعَ وَأَخَذُوهُ كَمَا كَانَ فِي السَّفِينَةِ. وَكَانَتْ مَعَهُ أَيْضاً سُفُنٌ أُخْرَى صَغِيرَةٌ. 37فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ فَكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ. 38وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِماً. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» 39فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «ﭐسْكُتْ. ابْكَمْ». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. 40وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟» 41فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضاً وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!”.
لقد وضعهم المسيح في هذا الموقف لكي يظهر ما في قلوبهم من إيمان وثقة أو خوف ورهبة. التعلم بالخبرة ينقش الحق ويحفره في قلوبنا وأذهاننا.

إليك موقف آخر قام المسيح فيه بتطبيق هذه الخطوة :
“قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ وَخَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِراً بِهَا. فَجَاءَ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ. فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: «يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ!» أَجَابَ يَسُوعُ: «لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ». قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لَنْ تَغْسِلَ رِجْلَيَّ أَبَداً!» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ». قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَدَيَّ وَرَأْسِي». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ». لأَنَّهُ عَرَفَ مُسَلِّمَهُ لِذَلِكَ قَالَ: «لَسْتُمْ كُلُّكُمْ طَاهِرِينَ».
فَلَمَّا كَانَ قَدْ غَسَلَ أَرْجُلَهُمْ وَأَخَذَ ثِيَابَهُ وَاتَّكَأَ أَيْضاً قَالَ لَهُمْ: «أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ صَنَعْتُ بِكُمْ؟ أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً وَحَسَناً تَقُولُونَ لأَنِّي أَنَا كَذَلِكَ. فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ هَذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ”. (يو13: 4- 17)
هناك فرق كبير عندما يعلم المسيح عن التواضع و عن ضرورة أن نغسل بعضنا أرجل بعض، وبين أن يأخذنا معه لنجتاز هذه الخبرة فيغسل هو أرجلنا وهو السيد والمعلم.. فكم ينبغي نحن أن نفعل لبعضنا البعض. هنا حجم التأثير أعمق ووضوح المعني وجلائه أكثر
مدرسة المسيح مختلفة تماماً في طريقة التعلم التي يجب أن نتعلم بها. الرب يسوع المسيح يدعوك أن أن تنضم له في هذه المدرسة لكي يعلمك ويعيد تشكيل حياتك بالطريقة الإلهية التي صممها خصيصاً لكي تتناسب مع كل واحد منا.

التلمذة 1


التلمذة 1

جاء المسيح إلى عالمنا باسم عمانوئيل أي الله معنا، فهو قريب منا يعرف احتياجاتنا ويشعر بنا.. جال في وسطنا وشفى مرضانا وأشبع احتياجاتنا.
أثناء هذه الرحلة التي أعطى لنا المسيح فيها نفسه، ركز على مجموعة صغيرة من التابعين وأسماهم تلاميذ:
– “حِينَئِذٍ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلَكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ”.)مت9: 37)
– “ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاِثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ”.(مت10: 1)
– “حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ”.(مت13: 36)
لم يكن هذا اللقب (تلميذ) قاصراً فقط وقت تجسد المعلم على الأرض، بل استمر يطلق على المؤمنين حتى بعد صعود المسيح، وهذا ما نراه بوضوح في سفر أعمال الرسل:
وَفي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ … (أع6: 1)

“وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدّاً فِي أُورُشَلِيمَ وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ”.(أع6: 7)
“فَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعاً غَفِيراً. وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً”.(أع11: 26)
جاء المسيح لأرضنا لا ليكرز بملكوت السموات ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس فقط، بل ليؤسس مدرسة يكون هو فيها المعلم والمنهاج.
أسس المسيح هذه المدرسة لكي يغير أعماق قلوب وأفكار وأذهان البشر المؤمنين به، لكي يصنع منهم تلاميذ مشابهين لصورته.
شفى يسوع الكثيرين ورحم المقيدين وأطلق المأسورين، لكن لم يتغير كل تابعيه بنفس القدر الذي تغير به الذين صاروا تلاميذه.
السر وراء أن تعيش دعوة ومشيئة الله في حياتك هو أن تصير تلميذ في مدرسة المسيح:
“لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ”. (مت10: 24, 25)
إن العلاقة مع الله هي علاقة متعددة الأبعاد وليست مسطحة، فليست علاقتنا مع الله هي علاقة الأب بابنه فقط على الرغم من أهميتها، وليست هي علاقة الراعي بقطيعه أو السيد بعبيده.. إن العلاقة مع الله لها أبعاد وجوانب متعددة يجب أن نتعرف عليها ونفهمها حتى نستطيع أن نحيا في علاقة متكاملة مشبعة مع الله الحي.
فمثلا إذا أخذنا البعد الاول في علاقتنا مع الله الآب نجد أن لقبي وهويتي هو أنني ابناً لله
وهذا ما نراه واضحاً جلياً على صفحات الكتاب المقدس، الذي يعلن ويؤكد هذه الحقيقة كما في الآيات التالية:
– “وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ”
(يو1: 12)
– “اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ”. (رو8: 16)
– “أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ”. (1يو3: 1)
إدراكنا لهذه الحقيقة يملأ قلوبنا بالشبع والأمان والطمأنينة، لأنه يوجد شخص مسئول عنا، وهذا الشخص هو الله نفسه الغير محدود والذي لا يعتريه تغيير ولا ظل دورانِ.
أيضا فهمنا وتلامسنا مع حقيقة بنوتنا لله تملأ قلوبنا بالإحساس بالإنتماء والهوية، فندرك من نحن في عيني الله، فتُشفى نفوسنا من كل جروح الماضي التي نعاني منها، ونبرأ من صغر النفس الذي يُدمي قلوبنا لنعيش مع الله أصحاء النفس والقلب.
أما بالنسبة للبعد الثالث في العلاقة مع الله الروح القدس فلقبنا وهويتنا هو أن نصير هيكلاً لله الروح القدس ليملائنا، ويغمرنا، ويجتاحنا، ويحل علينا، ويستخدمنا لمجد الله، وقيمة هذا اللقب أننا قد صرنا مكان حضور الله على الأرض، والأدوات التي يريد الله أن يستخدمها كي يتمم قصده ومشيئته في العالم الذي نعيش فيه.
وهذا ما نراه في الآيات التالية:
– “فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً “(2كو 6 : 16)
– “أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟” (1كور3: 16)
– “وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ”.(رو8: 11)
– “أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟”(1كو6: 19)
– “اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا”.(2تي1: 14)
أما بالنسبة للبعد الثاني في علاقتنا مع الله الابن، وهو الموضوع الرئيسي هنا، فسوف نتناوله في أخر كلامنا عن الأبعاد المختلفة في علاقتنا بالله.
كان للرب يسوع عدة ألقاب رئيسية في علاقته بالإنسان، وقد وردت في الكتاب المقدس عدة مرات منها: السيد والراعي والمخلص.
أيضاً من هذه الألقاب التي اشتهر بها المسيح، لقب المعلم
وهذا ما نراه في الآيات التالية:
– “وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟” (مت19: 16)
– “وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِماً. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟” (مر4: 38)
في هذه العلاقة مع الله الابن الذي هو فيها المعلم، لقبنا وهويتنا هو أننا تلاميذ، فنحن تلاميذ في مدرسة المسيح.. المدرسة التي أسسها المسيح بنفسه ليكون هو فيها المعلم الوحيد الذي له الحق في التعليم وتلمذة الآخرين ليكونوا تلاميذ تابعين للمعلم.
والتلميذ هو الشخص الذي يتبع معلماً بعينه ليسمع منه ويتعلم على يديه ويمارس ما يتعلمه.
كوننا تلاميذ في مدرسة المسيح يعني أننا نعطي الرب يسوع كل الحق والسلطان على حياتنا لكي يغيرنا ويشكل حياتنا لنصير على صورته.
“فَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعاً غَفِيراً. وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً”.(أع11: 26)
كوننا تلاميذ للرب يسوع يعني أن نصير فاهمين لطرق الله وعارفين مشيئته وأفكاره، فيعمل فينا الله ليحررنا من كل القيود التي تمنعنا من الانطلاق مع الله في حياة روحية ممتعة ومشبعة لنا وله.
“وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ” (يو8: 32)
“وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ”. (دا12: 3)
أيضاً، قبولنا أن نصير تلاميذ في مدرسة المسيح، يسمح لله أن يغيرنا ويشكلنا ويصيغ حياتنا لنصير مشابهين صورة الرب يسوع
“لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ لِيَكُونَ هُوَ بِكْراً بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ”. (رو8: 29)
لا نستطيع أن نعيش حياة فعالة مع الله دون أن نحيا في هذه الأبعاد الثلاثة مع الله.
نستطيع أن نصير أبناء لله بتجديد الروح وأن نستمتع ببنويتنا لله وأن يستخدمنا الله بكل قوة بعمل الروح القدس فنصير أدوات بيد الله، لكن لا نستطيع أن نعيش حياة متزنة ثابتة قوية مؤثرة إلا إذا كنا تلاميذ للرب يسوع المسيح، فكثيرين من المؤمنين حولنا ممتلئين بالروح القدس، لكن قليلون هم تلاميذ للرب يسوع.