شخصية الله 22 الأمانة


شخصية الله   الحلقة الثانية والعشرون (الأخيرة)   الأمانة   تناولنا في الحلقة الماضية صفة الحكمة وهي الصفة السادسة من صفات الله الأدبية والتي تتعلق بالمبادئ والقيم التي يتعامل بها الله مع الخليقة، ودرسنا تعريف الحكمة ومظاهرها والتي تتمثل في الخلق والفداء والكنيسة التي هي جسد المسيح ملء الذي يملأ الكل في الكل, وكيف يدعونا الله أن نطلب هذه الحكمة النورانية النازلة من فوق لكي نستطيع أن نُحضر كل إنسان إلى طاعة المسيح. في هذه الحلقة، سوف نتناول صفة الأمانة؛ الصفة الأخيرة من صفات الله الأدبية.   تعريف الأمانة   “لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ. إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتُهُ وَإِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ أَمَانَتُهُ” (مز100: 5(   تعني الأمانة أن الله لايتغيُر في صفاته ولا يُغير ما خرج من شفتيه من وعود وعهود (الوفاء والاخلاص), فإذا ما قرر أن يدخل معنا في عهد لن يكسره أو يخلفه.. إذا خرج منه وعد في أمر ما فلن يرجع عن تحقيقه.   من الرائع والمريح أن نتعامل مع شخص له هذه الصفة وهي عدم التغيير, فسبب مشاكلنا وعدم راحتنا مع بعضنا البعض هو أننا نتغير، فرأينا اليوم مخالف بل قد يعارض رأينا بالأمس, فكثيراً ما ندخل في عهود مع بعضنا البعض مثل عهد الزواج الذي فيه نتعهد أن نبقى أمناء وأوفياء ومحبين مخلصين لبعضنا، ولكن تمر الأيام ويصبح كسر العهد هو السمة التي تصف الكثير من الزيجات في هذه الأيام، حتى صارت نسبة الطلاق أكثر من أي وقت مضى.   “أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ السَّمَاءِ الإِلَهُ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ الْحَافِظُ الْعَهْدَ وَالرَّحْمَةَ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ” (نح1: 5)   لايوجد ما يبطل أمانة الله على الاطلاق حتى ولو كنا غير أمناء، وهذا ما يقوله الرسول بولس:   “إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِيناً، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ(ينكر صفاته)”(2تي2: 13)   أيضاً يذكر الكتاب عن الله ما يأتي:   – “فَقَالَ سُلَيْمَانُ: إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَعَ عَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي رَحْمَةً عَظِيمَةً حَسْبَمَا سَارَ أَمَامَكَ بِأَمَانَةٍ وَبِرٍّ وَاسْتِقَامَةِ قَلْبٍ مَعَكَ، فَحَفِظْتَ لَهُ هَذِهِ الرَّحْمَةَ الْعَظِيمَةَ وَأَعْطَيْتَهُ ابْناً يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ كَهَذَا الْيَوْمِ”. (1مل3: 6)   – “وَأَنَا قُلْتُ فِي حَيْرَتِي: إِنِّي قَدِ انْقَطَعْتُ مِنْ قُدَّامِ عَيْنَيْكَ. وَلَكِنَّكَ سَمِعْتَ صَوْتَ تَضَرُّعِي إِذْ صَرَخْتُ إِلَيْكَ.أَحِبُّوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ أَتْقِيَائِهِ. الرَّبُّ حَافِظُ الأَمَانَةِ وَمُجَازٍ بِكَِثْرَةٍ الْعَامِلَ بِالْكِبْرِيَاءِ”. (مز31: 22- 23(   – “لاَ أَنْقُضُ عَهْدِي وَلاَ أُغَيِّرُ مَا خَرَجَ مِنْ شَفَتَيَّ”. (مز89: 34)   – “مِنْ قِدَمٍ أَسَّسْتَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَأَنْتَ تَبْقَى وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى كَرِدَاءٍ تُغَيِّرُهُنَّ فَتَتَغَيَّرُ.وَأَنْتَ هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِيَ”. (مز102: 25- 27)   – “يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ” (عب13: 8)   – “كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ” (يع1: 17)   – “فَإِذاً، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا لِخَالِقٍ أَمِينٍ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ”.(1بط4: 19)   – “وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ. الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً لِلَّهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ”. (رؤ1: 5- 6)   في الكثير من الاحيان، يصعب علينا أن نصدق أن الله يتصف بهذه الصفة، فمن غير المعقول وجود شخص ثابت لا يتغير يحفظ الأمانة, وذلك لأننا نتغير ولا نحفظ العهد, فقد نظرنا إلى أنفسنا وتخيلنا أن الله يشبه وجه خلقتنا، بدلاً من النظر إلى الصورة الإلهية لنتغير نحن ونصير على صورته, فنحن لا نستطيع أن نتغير طالما نظرنا إلى صورتنا المليئة بالفساد. السر الوحيد في تغيرنا هو في النظر إلى الشخص الكامل كي تتغير أعماقنا فنعكس صورة مجده للمحيطين بنا.   وهذا ما يشهد عنه إبراهيم الذي وعده الله بابن في شيخوخته، وقد تأنى الله عليه حتى ظن أن الله قد نسيه ونسي وعده، فقرر أن يساعد الله في تحقيق وعده فتزوج من هاجر. لقد انتظر الله حتى فقد إبراهيم كل رجاء وفقدت سارة كل قدرة على إنشاء نسل فأصبحت المعجزة مؤكدة ولاتحتمل الشك أو التفسير الخاطئ. وطوال مشوار الانتظار كان الله يؤكد لإبراهيم حفظه لوعده وعهده وأمانته. أيضاً، وعد الله أن يأتي المسيح الى عالمنا لكي يخلص الإنسان, وبعد آلاف السنين تحقق الوعد. كما وعد الله أن يسكب من روحه على كل بشر في نبؤة يوئيل النبي وهذا ماحدث مع الرسل في يوم الخمسين. فالله أمين ينفذ ويحقق ما قد تكلم عنه ووعد به.   الله وهو كلي الجمال والجلال وفي قدرته غير المحدودة وعلمه غير المستقصى، قد أحبنا وبذل نفسه من أجلنا… لأجل من شوهته الخطية وأفسدت صورة الله التي خلقه عليها. هذا الاله البارع الجمال في كل صفاته التي رأيناه في دراستنا.. إنه المحب محبة غير محدودة والقدوس الذي في قداسته يكره كل أمر يشوه ويفسد صورة الانسان الذي خلقه.. الذي في محبته قرر أن يرحم الانسان في ضعفه فيُصلب من أجله ويحمل عاره وخطيته, رغم أنه البار في كل طرقه, والحق الذي ليس فيه تغيير ولاظل دوران… يستخدم كل الإمكانيات بحب لمصلحة وخير الإنسان, وهو في كل هذا لايتغير ولاينكر نفسه.   أمام هذا الجمال والجلال لايسعنا إلا أن نقف مشدوهين منبهرين. وعندما يطلب منا الله أن نحبه من كل قلوبنا وأفكارنا وقدراتنا، لا يمكننا عندئذ أن نمسك نفوسنا وأرواحنا عن حب هذا الشخص الفريد, وخاصة وهو يطلب هذا ليس لأنه محتاج إلى محبتنا- رغم أنه يقدرها- ولكن لأجل خيرنا:   “فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلا أَنْ تَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَكَ لِتَسْلُكَ فِي كُلِّ طُرُقِهِ وَتُحِبَّهُ وَتَعْبُدَ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَتَحْفَظَ وَصَايَا الرَّبِّ وَفَرَائِضَهُ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ لِخَيْرِك”َ. (تث10: 12, 13)   أيضاً، يقول كاتب المزمور: “لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي.”مز91: 14), فعندما نتعلق به ونعرفه ينجينا ويرفًعنا.   الآن، بعد كل هذا، كيف لا نحب شخص له كل هذا الجمال والجلال؟ كيف ندير الوجه عن النظر والعين عن الفحص في هذا الجمال الرائع المبهر. إن معرفتنا بالله هي العمود الفقري لعلاقتنا به فكلما عرفناه وأدركناه ازدادت محبتنا له وإعجابنا به, فنعطيه حياتنا وأجسادنا ونفوسنا، وبهذا نعيش الحياة الحقة التي ترضي وتفرح قلب السيد.   قيمة صفة الأمانة في الله   تجعلنا نثق في الله أكثر لأنه لا يتغير فوعوده ثابتة وعهوده لاينقضها, فوعده بالعناية والرعاية ثابت وهذا ليس معناه أننا لا نعاني الضيق أو الألم في هذه الحياة، بل بسبب رفقته معنا في رحلة الحياة ينهزم الخوف في داخلنا ويذهب عدم الاحساس بالأمان إلى غير رجعة.   – “أَيْضاً كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ وَلَمْ أَرَ صِدِّيقاً تُخُلِّيَ عَنْهُ وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزاً” ( مز37: 25(   تجعلنا ننتظر الله في الصلاة ونثابر فيها موقنين أنه يسمع ويستجيب في الوقت المناسب, لأنه عندما يعد بأمر ما فإنه يفي ما وعد به ولايغير ما خرج من شفتيه   – “لِهَذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هَذِهِ الأُمُورَ أَيْضاً. لَكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذَلِكَ الْيَوْم” (2تي1: 12)   – “لاَ أَنْقُضُ عَهْدِي وَلاَ أُغَيِّرُ مَا خَرَجَ مِنْ شَفَتَيَّ”. (مز89: 34)   أن نكون مخلصين وأمناء في علاقاتنا مع أصدقائنا ومع شريك الحياة.   أخيراً، أدعوك عزيزي القارئ أن تفتح عينيك في هذا النور الباهر لكي تستنير.. املأ عينيك بهذا الشخص الرائع لتجد نفسك منجذباً له.. تفحص هذا الشمس لينير لك أعماق قلبك فيغيرك إلى صورته البديعة, فكل ما رأيناه في رحلتنا الماضية ما هو إلا لمحة من ذلك الضياء, ولقد زيد لك مجاناً أن تتعرف وتفهم وتدرك من هو هذا الشخص الرائع.   بانتهاء دراسة الصفة السابعة من صفات الله الادبية تنتهي دراستنا في شخصية الله وإلى اللقاء في الدراسة القادمة تحت عنوان”سلطان الله ومسئولية الإنسان”، وفيها سنجيب على الكثير من الأسئلة التي تتوارد على خواطرنا ومنها: هل الإنسان مسير أم مخير؟ لماذا يحاسب الله الانسان طالما أنه هو القادر على كل شيء ويعرف كل شيء؟ وغيرها… وسوف نشرح العديد من الحقائق التي تهمنا في رحلتنا مع الله.

 

 

شخصية الله 21 الحكمة


شخصية الله
الحلقة الحادية والعشرون
الحكمة

تناولنا في المحاضرة الماضية صفة الحق وهي الصفة الخامسة من صفات الله الأدبية والتي تتعلق بالمبادئ والقيم التي يتعامل بها الله مع الخليقة، ورأينا كيف أن الله هو الحقيقة المطلقة في هذه الحياة ولذلك فهو لايخفي عنا شيئاً فهو صادق لايكذب لأنه ليس بإنسان وكيف أن هذا يشجعنا أن نعيش في النور مع الله ومع بعضنا البعض لأن ذلك يجعل علاقتنا مع الله صحيحة ومع الآخرين صحية فنتغير يوماً بعد يوم في كلا البعدين, وهذ هو النضج الحقيقي. في هذه المحاضرة، سوف نتناول صفة الحكمة كصفة من صفات الله الأدبية.

الحكمة على حد قول الكثيرين هي واحدة من التطبيقات العملية الواضحة والظاهرة للكثير من صفات الله وهي نتاج عصارة هذه الشخصية الرائعة الجمال والكمال. هذه الصفة مثل الكثير من صفات الله التي تناولناها شابها الكثير من التشويه، لذلك دعونا نقترب أكثر فأكثر من هذا الكنز المعلن في شخصية الله

تعريف الحكمة
حتى يمكننا أن نصل إلى التعريف الصحيح للحكمة, سوف نتناول تعريف عكس كلمة الحكمة, الذي هو الخبث أو المكر والدهاء, أما عكس التصرف والفعل الحكيم فهو التصرف بحماقة وجهل.
أما تعريف الحكمة فهو الاستخدام الكامل المحب المعطي للقدرات الشخصية لصالح الآخر، فالله يعرف الخير للإنسان ويريده له ويقدر أن يصنعه, وعكسها هو استخدام قدراتنا الشخصية من ذكاء وغنى وعلاقات بمكر لنأخذ ما ليس من حقنا من الآخرين أي هو الاستخدام الأناني لهذه القدرات.
من هذا التعريف، نرى مزيج من بعض الصفات الرائعة التي يتصف بها الله فهو محب يريد أن يصنع الخير للبشر وهو قدير يستطيع أن يصنعه وفي نفس الوقت هو كلي المعرفة لأنه يعرف خير الإنسان

– “مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنَةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاك”َ (مز104: 24)

– “لأَنَّ الرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً  مِنْ فَمِهِ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ”. (أم2: 6)

– “يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!” (رو11: 33)

– “الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ” (كو2: 3)

مظاهر إعلان حكمة الله
• الخلق
“الرَّبُّ بِالْحِكْمَةِ أَسَّسَ الأَرْضَ  أَثْبَتَ السَّمَاوَاتِ بِالْفَهْمِ” (أم3: 19 (

من البداية صمم الله الكون وصنع الارض والسماوات مسكناً للإنسان… ليس هذا فقط بل كما هو مكتوب غرس جنة شرقي عدن ليضع فيها آدم الذي خلقه, كل هذا لأجل الإنسان وراحته وليس لسكنى الله وراحته. وعندما يأخذ الله الذين هم له من الأرض سيُزيل هذه السموات وهذه الارض ويخلق أرضاً جديدة وسماءً جديدة يسكن فيها البر.
مازلنا نحاول اكتشاف الإبداع الذي صنعه الله في الكون ولم نستطع حتى الآن سبر أغوار هذا الكون البديع. إن كل التطور البشري العظيم الذي وصل اليه الانسان هو فقط من مجرد مراقبة الخليقة التي قد خلقها الله, فمثلاً عندما نظرنا حولنا ورأينا طيوراً تطير  قررنا أن نطير مثلها فصنعنا الطائرات العملاقة, وعندما راقبنا الكائنات البحرية وهي تغوص في أعماق البحر ولها قدرة غير عادية على العيش والحياة في البحار والمحيطات المختلفة قلدناها وصنعنا السفن والغواصات.  استطاع العلماء إكتشاف الكثير من إبداع الله في تكوين الجسم الإنساني لكنهم حتى الآن لم يستطيعوا أن يكتشفوا إلا القليل القليل من قدرات المخ البشري. نرى مما سبق أن هذه الخليقة هي عطية حب من إله قدير يريد أن يسعد البشرية.

• الفداء
الانسان الذي خلقه الله وأبدع لأجله شوهته الخطية، وأراد الشيطان أن يخطفه من يده, فصنع ودبر له الله خطة للفداء والخلاص من براثن إبليس، ونفذ هذه الخطة في عمق التاريخ الإنساني عندما دبر لآدم وحواء أقمصة من جلد ذبيحة لكي يسترهما بعد سقوطهما في جنة عدن، وكأنه يشير إلى ضرورة الذبيحة ثم وعد آدم بأن نسل المرأة يسحق رأس الحية. بعده، العهد مع إبراهيم بأن يباركه ويجعله بركة وأن فيه تتبارك جميع الامم ثم اختياره ليعقوب أبو الآباء ونزوله إلى مصر ومقابلته ليوسف ابنه بعد أن تخلص منه إخوته ولكن أراده الله أن يخلص مصر من مجاعة رهيبة. ثم ازدياد حجم الشعب واختيار موسى كقائد يُخرج الشعب من أرض مصر إلى أرض الميعاد ويعبر به البحر الاحمر ثم إعطاءه الناموس لكي يكون مؤدبنا إلى المسيح وتأسيس نظام الذبائح التي تشير للمسيح… والكثير من النبوات والمواعيد التي تملأ جنبات العهد القديم عن مجئ المسيح ليعد أذهان اليهود وأفكارهم لقبوله. ثم الميلاد المعجزي للرب يسوع وأعمال القوات والعجائب التي صنعها الرب يسوع مؤكداً على رغبة الله في خلاص نفوس الجميع ثم الصلب والقيامة… إلى أخر هذه الخطة الرائعة التي استغرقت أجيال طويلة لإتمامها حتى لا يكسر القوانين المطلقة التي وضعها بأن يجد البديل فيأخذ مكاننا ويعطينا إمكانية الدخول إلى محضر الله كأبناء وارثين للحياة. لقد صنع الله كل هذا لأجل خاطر الإنسان؛ المخلوق الذي أحبه.

• الكنيسة
“لِكَيْ يُعَرَّفَ الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ بِوَاسِطَةِ الْكَنِيسَةِ  بِحِكْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ حَسَبَ قَصْدِ الدُّهُورِ الَّذِي صَنَعَهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”(أف3: 10 )
بعد أن خلقنا الله وأبدع في خلقنا، شوهتنا الخطية فأعاد خلقتنا، وأعد لنا عائلة سماوية نعيش وسطها، ومدرسة لنتعلم فيها الحق، وجسد ننتمي إليه لنخدم بعضنا البعض، ومائدة مقدسة نتناول فيها كلنا لنصير متحدين معاً ورأسنا المسيح، لتسري فينا عصارة المسيح فنغدو كرمة شاهدة عن المسيح تفتن المسكونة وتحمل الفداء إلى كل العالم

 

 

 
موقف الله من الإنسان

 بعد كل غنى الحكمة التي يستعرضها الله أمامنا يدعونا أن نشاركه حكمته لكي نحضر كل إنسان ليس غير المؤمن فقط بل المؤمن أيضاً ليتكمل في المسيح.

– “الَّذِي نُنَادِي بِهِ مُنْذِرِينَ كُلَّ انْسَانٍ  وَمُعَلِّمِينَ كُلَّ انْسَانٍ، بِكُلِّ حِكْمَةٍ، لِكَيْ نُحْضِرَ كُلَّ انْسَانٍ كَامِلاً فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ”  )كو1: 28(

– “لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً  بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ  بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبّ”ِ (كو3: 16)

“اُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ  مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ” (كو4: 5(

 وإن لم تكن لنا هذه الحكمة فالله يشجعنا أن نطلبها لآن عنده كل الحكمة ويريد ويستطيع أن يعطينا إياها

– “وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ  فَسَيُعْطَى لَهُ”  )يع1: 5 (

– “وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَاراً ًصَالِحَةً،عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ”. (يع3: 17)

ويعد الملك سليمان مثالاً هاماً على ذلك، فعندما تولى المملكة خلفاً لداود أبيه، كلمه الله في حلم وقال له:
…. [اسْأَلْ مَاذَا أُعْطِيكَ] … وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي، أَنْتَ مَلَّكْتَ عَبْدَكَ مَكَانَ دَاوُدَ أَبِي، وَأَنَا فَتىً صَغِيرٌ لاَ أَعْلَمُ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ. وَعَبْدُكَ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ الَّذِي اخْتَرْتَهُ شَعْبٌ كَثِيرٌ لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ. فَأَعْطِ عَبْدَكَ قَلْباً فَهِيماً لأَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ وَأُمَيِّزَ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، لأَنَّهُ مَنْ يَقْدُِرُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ الْعَظِيمِ هَذَا؟ فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، لأَنَّ سُلَيْمَانَ سَأَلَ هَذَا الأَمْرَ. فَقَالَ لَهُ اللَّهُ: [مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تَسْأَلْ لِنَفْسِكَ أَيَّاماً كَثِيرَةً وَلاَ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ غِنًى وَلاَ سَأَلْتَ أَنْفُسَ أَعْدَائِكَ، بَلْ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ تَمْيِيزاً لِتَفْهَمَ الْحُكْمَ، هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ كَلاَمِكَ. ُهوذا أَعْطَيْتُكَ قَلْباً حَكِيماً وَمُمَيِّزاً حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ. وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ أَيْضاً مَا لَمْ تَسْأَلْهُ، غِنًى وَكَرَامَةً حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَكُونُ رَجُلٌ مِثْلَكَ فِي الْمُلُوكِ كُلَّ أَيَّامِكَ. فَإِنْ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِي وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَايَايَ كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ فَإِنِّي أُطِيلُ أَيَّامَكَ]”.(1مل3: 5- 14)
لم يطلب سليمان الغنى أو طول الأيام أو أنفس أعدائه بل طلب الفهم والتمييز والحكمة لكي يحكم في وسط الشعب فأعطاه الله ما لم يطلبه من غنى وكرامة.
إن الله يريد ويستطيع أن يعطينا الحكمة لذلك دعونا نطلب الحكمة الالهية التي من فوق حتى نتمكن من خدمة بعضنا البعض في جسد الرب يسوع.
وإلى اللقاء في المحاضرة الأخيرة القادمة حيث نتناول آخر صفة من صفات الله الأدبية.

شخصية الله 20 الحق


شخصية الله 20

الحق

تناولنا في المحاضرة الماضية البر وهو الصفة الرابعة من صفات الله الأدبية والتي تتعلق بالمبادئ والقيم التي يتعامل بها الله مع الخليقة، ورأينا الفرق بين البر والعدل والعلاقة بين البر وبين المحبة والقداسة، ودرسنا معاً مظاهر هذا البر والذي يتمثل في أن الله يتفاعل مع الانسان بحسب مواقف الانسان دون محاباة وهو يبرر من يؤمن بيسوع المسيح، كما أن هناك الانفصال الأبدي بين الأبرار والأشرار ويوماً للحساب فيه نقدم حساب وزناتنا أمامه. في هذه المحاضرة، سوف نتناول صفة الحق كصفة من صفات الله الأدبية.

– “كُلُّ سُبُلِ الرَّبِّ رَحْمَةٌ وَحَقٌّ لِحَافِظِي عَهْدِهِ وَشَهَادَاتِهِ”.(مز25: 10)

– “فَالَّذِي يَتَبَرَّكُ فِي الأَرْضِ يَتَبَرَّكُ بِإِلَهِ الْحَقِّ وَالَّذِي يَحْلِفُ فِي الأَرْضِ يَحْلِفُ بِإِلَهِ الْحَقِّ لأَنَّ الضِّيقَاتِ الأُولَى قَدْ نُسِيَتْ وَلأَنَّهَا اسْتَتَرَتْ عَنْ عَيْنَيَّ”. (إش65: 16 )

تعريف الحق

للحق معنيين: أولهما ينطبق على الله فهو الحقيقة المطلقة أي هو الاله الغير المزيف وهذه لا تعتبر صفة أدبية بل هي من صميم كينونة الله, وثانيهما وهي الصفة الادبية التي تظهر في معاملات الله معنا التي هي قول الصدق وعدم إخفاء الامور

– “ليْسَ اللهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَم َهَل يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلمُ وَلا يَفِي”(عدد23: 19)

وهنا قد يظهر معنى الحق بوضوح عند تناولنا التعريف العكسي وهو أن الله لايكذب فهو يقول الصدق, والسبب هو أنه ليس إنسان, وكأن الله من معرفته للانسان يجزم أن صفة رئيسية من صفات الانسان هي الكذب وعدم قول الحق.

– “وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ”. (يو17 :3)

في هذا الشاهد، نرى المعنى الاول لكلمة الحق وهو أن الله هو الاله الحقيقي وليس اله مزيف فهو الاله الخالق للسماء والأرض وليس هو صنعة أيدي الناس كما يقول إشعياء النبي: “وَدَفَعُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى النَّارِ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا آلِهَةً بَلْ صَنْعَةُ أَيْدِي النَّاسِ خَشَبٌ وَحَجَرٌ. فَأَبَادُوهُمْ” (إش37: 19)

وهذا ما نراه في العالم من حولنا من أفكار ومعتقدات وديانات صنعها الناس وصدقوها وعاشوا لها قروناً وقرون فضلوا وراء كذبهم.

– “قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي” (يو14: 6)

– “قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ “(يو17: 17)

– “هَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ”. )1يو1: 5-7(

النور هنا معناه الصدق وعدم إخفاء الامور والسلوك في النور, فلا يوجد عند الله ما يخفيه عنا فليس فيه عيب أو ضعف ولايخاف من إظهار ما يفكر فيه وهو يعلن لنا أعماق قلبه، لأن كل ما يملأ قلب الله هو الحب والرحمة والبر والقداسة أي كل ما هو صالح لحياتنا.

فإذا سلكنا مثل ذاك أي في النور أو بمعنى أخر أن نقول الصدق ولا نخفي الأمور, نستطيع أن نتعامل بعضنا مع بعض لاننا صرنا على حقيقتنا خالعين أقنعتنا, وعندما تظهر عيوبنا للنور يتمكن دم الرب يسوع من تطهيرها.

هذه الصفة في مجتمعاتنا ليست بالقيمة العليا ولا هي عادة أصيلة فينا فنحافظ عليها، فمن النادر أن تجد شخص يجيبك بصدق عما تسأل عنه، ولكن دعونا نفهم كيف ينظر الله لهذه الصفة التي يتصف بها وذلك بحسب ما جاء في الآيتين التاليتين:

– “مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلَهاً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً.وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي”. (رؤ21: 7, 8)

– “طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ،لأَنَّ خَارِجاً الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبا”ً.(رؤ22: 14, 15)

من هاتين الآيتين نجد أن الله لا يفرق بين غير المؤمن والزاني والقاتل وعابد الاوثان وبين الكاذب الذي يحب ويصنع الكذب، فجميعهم لهم نفس المصير الأبدي الذي هو البحيرة المتقدة بنار وكبريت, فالكذب ليس من الخطايا الصغرى(على الرغم من أن الله ليس لديه خطايا صغرى وكبرى) أو بلون أبيض أو أسود(على الرغم أيضاً من أن الله ليس لديه الوان للكذب)

الكذب وإخفاء الحقائق وتزيفها هو ضد طبيعة الله، لذلك نرى وبوضوح أن الله يقاومه ويرفضه لأنه يسبب أعظم الضرر للإنسان، فالكذب فيه خداع للنفس وضلال للعقل, لأننا كذبنا على أنفسنا فأذيناها وكذبنا على الآخرين فأعميناهم.

هذا، وأحد ألقاب إبليس: الكذاب وأبو الكذاب، كما سجلها لنا الوحي في إنجيل يوحنا:

«أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ».(يو 8: 44). وذلك لأنه يستخدم الكذب والضلال في تجربتنا، فهو عادة يخلط الحق بالباطل ليضلل الإنسان عن معرفة الله الحقيقية.

لقد أعطى الله كل هذه القيمة للحق لأن في معرفة وفهم الحق إنقاذاً للإنسان وللإنسانية، أما في الضلال وإخفاء الحقيقة فالخراب للبشرية, فعندما يدرك الانسان ويتواجه مع حقيقة فساده وعجزه فهذا يدفعه نحو إله محب رحيم وقدوس أما إخفاء الحقيقة وعدم الاعتراف بها فيجعلنا نظن أننا صالحين وكاملين في نفوسنا وهذا يأخذنا بعيداً عن مصدر النعمة الغني:

“إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا. إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ”.(1يو1: 8, 9)

قيمة الحق

أن نسلك بالصدق مع بعضنا

– “لِذَلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ “(أف 4 : 25)

– “لا تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، اذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أعْمَالِهِ” )كو 3 : 9(

وإلى اللقاء في المحاضرة القادمة لندرس معاً صفة أخرى من صفات الله الرائعة.